تنمية الطفولة المبكرة

تبدأ مرحلة "تنمية الطفولة المبكرة" في حياة الفرد منذ الولادة وحتى بلوغ سن الثامنة. وتعد هذه المرحلة أهم فترة من التطور السريع والحساس، حيث يتم تنمو 90% من دماغ الطفل مع بلوغ سن الخامسة. كما تعد الرعاية الجيدة والنوعية خلال هذه الفترة - والتي تشمل التغذية الكافية والرعاية الصحية الجيدة والحماية واللعب والتعليم المبكر - أمرًا حيويًا لنمو الأطفال بدنيًا ومعرفيًا ولغويًا واجتماعيًا وعاطفيًا ولتحقيق إمكاناتهم الكاملة

NORCAP
© Ida Sem Fossvik, NORCAP

تعتبر مرحلة تنمية الطفولة المبكرة (ECD) هي فترة حاسمة وسريعة التطور تمتد من الحمل حتى سن 8 سنوات. إن توفير الرعاية الشاملة خلال هذه المرحلة، بما في ذلك توفير التغذية الكافية، والحفاظ على الصحة الجيدة، وضمان الحماية اللازمة، وتقديم الرعاية الاستجابية، وتعزيز التعلم المبكر، يعتبر أمرًا حيويًا لتعزيز نمو الأطفال في مجالاتهم البدنية والعقلية واللغوية والاجتماعية والعاطفية. 

يفتقد ملايين الأطفال على الصعيد العالمي إلى العديد من الفوائد عالية الجودة التي يمكن لتنمية الطفولة المبكرة أن تجلبها. ان ما يقدر ب 250 مليون طفل (بنسبة 43%) تقل أعمارهم عن 5 سنوات في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط معرضون لخطر عدم الوصول وتحقيق إمكاناتهم التنموية بسبب الفقر المدقع وتوقف النمو. أما بالنسبة للأطفال الذين نشؤوا ونموا في مناطق الأزمات - بما يقدر بنحو 87 مليون طفل دون سن السابعة قضوا حياتهم بأكملها في مناطق النزاع - فإن الخطر أعظم.

تُهدد المحن والشدائد المتعددة في السياقات الإنسانية قدرة الطفل على الازدهار وبلوغ إمكانياته الكاملة. وتشمل الفصل عن الآباء أو مُقدمي الرعاية الأساسيين، والإصابات الجسدية، وفقدان الاستقرار والراحة المنزلية والمجتمعية، والتعرض للعنف أو مشاهدته. عطفاً على ذلك، يمكن أن تؤثر تجارب الصراع والأزمات وتؤدي إلى حرمان الأطفال الصغار من الرعاية المستقرة سريعة الاستجابة والتربوية التي يحتاجونها. وقد يكون لتجارب الإجهاد الشديد خلال السنوات الأولى الحساسة و الأساسية من الحياة - تأثيرات سلبية طويلة الأجل على تعلم الطفل وسلوكه وصحته في المستقبل. إن التعرض لظروف صعبة متكررة وطويلة الأمد، يؤدي إلى زيادة مستويات هرمون "الكورتيزول" في الدماغ مما يؤدي الي ما يعرف "بالإجهاد السام" والذي يمكن أن يحد من نمو الدماغ، مما يحد من القدرة الإدراكية والمعرفية ويُحدث تأثيرات سلبية عميقة وطويلة الأجل.   

تجلب المشاركة في التعليم المبكر عالي الجودة، المعروف أيضًا بالتعليم قبل المدرسة، ورياض الأطفال، والحضانة، فوائد عظيمة وطويلة الأمد للأطفال. ومع ذلك، يبقى الوصول إلى فرص التعلم المبكر بعيد المنال بالنسبة لملايين الأطفال الناشئين في البلدان ذات الدخل المنخفض والبيئات المتأثرة بالأزمات. وتشير تقديرات منظمة اليونيسف إلى أن نصف الأطفال فقط حول العالم يتمتعون بفرص التعليم قبل دخول المدرسة، وأن هذه الفرص تكون محدودة للغاية في البلدان المنكوبة بالصراعات.

كما ثبت أن تنمية الطفولة المبكرة المرتكزة على استراتيجية فعالة يمكن ان تساهم في تحسين الرخاء الاقتصادي والاستقرار وتحقق عوائد اقتصادية واجتماعية طويلة الأجل.

لماذا تُعد تنمية الطفولة المبكرة هامة، خاصة في حالات الطوارئ

  1. يقدم برنامج تنمية الطفولة المبكرة خدمات أساسية، أثناء فترة مميزة ومهمة من نمو وتطور دماغ الطفل: إذ أن مرحلة الطفولة المبكرة هي الفترة التي تشهد القدر الأكبر من نمو الدماغ وتطوره. حيث تنمو أكثر من 1 مليون وصلة عصبية جديدة في دماغ الأطفال الصغار في كل ثانية. ويحدث حوالي 90% من نمو الدماغ خلال أول 5 أعوام من حياة الفرد، وحوالي 80% من هذا النمو يحدث خلال أول عامين. كما تشير الأبحاث إلى أن الأطفال المحرومين من الرعاية والاستجابة الفورية، والذين يفتقرون إلى فرص اللعب والتواصل واستكشاف بيئتهم، يكون لديهم حجم أدمغة أصغر وعدد أقل من الروابط العصبية. وتلك الروابط هي المسؤولة عن بنية الدماغ، والأساس الذي يُعتمد عليه لاحقاً في التعلم، والسلوك، والصحة.
  2.  يقدم تنمية الطفولة المبكرة خدمات صحية وتغذوية مع تحفيز الدماغ: تستطيع برامج تطوير مرحلة الطفولة المبكرة في حالات الطوارئ إنقاذ الأرواح عن طريق توفير دعم غذائي صحي مناسب مباشر للأطفال.  كما يمكن أيضًا أن ينقذ حياتهم،من خلال زيادة وعي الآباء ومقدمي الرعاية الأساسيين حول طرق التغذية السليمة والأمراض التي يمكن الوقاية منها. إذ تحتاج أجسام وعقول الأطفال إلى التغذية الجيدة لتكون صحية. وبالإضافة إلى الغذاء السليم والرعاية الصحية، يحتاج الأطفال الصغار إلى التحفيز المعرفي والإدراكي. وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت على الأطفال الذين يعانون من توقف في النمو في (جامايكا) ان أفضل النتائج تتحقق عندما يتم الجمع بين التحفيز الإدراكي والمكملات الغذائية. وفي إثيوبيا، من بين الأطفال الصغار المنكوبين بالمجاعة، كان الذين يحصلون على التحفيز المعرفي والتغذية الجيدة أكثر بقاءًا ونموًا، من أولئك الذين يحصلون على التغذية فقط. إذ أن إنماء الطفولة المبكرة في حالات الطوارئ يوفر التحفيز المعرفي جنبًا إلى جنب مع الدعم الصحي والغذائي.
  3.  تساعد برامج تنمية الطفولة المبكرة في حماية الأطفال من الأذى: غالبًا ما يكون الأطفال الصغار في حالات الطوارئ في أوضاع محفوفة بالمخاطر حيث قد لا يتلقون رعاية وحماية كافية من الأذى الجسدي والعاطفي. لذا، يمكن لبرامج تنمية الطفولة المبكرة في حالات الطوارئ أن تُقدم الدعم من خلال تسجيل المواليد، وتتبع الأسرة ولم الشمل، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للآباء، وغيرها من المساعدات التي تُمكّن الوالدين، ومقدمي الرعاية الأساسية من حماية أطفالهم ورعايتهم جسديًا وعاطفيًا، وضمان بقائهم على قيد الحياة.
  4. تساعد برامج تنمية الطفولة المبكرة في تخفيف "الإجهاد الضار" الذي يمكن أن يؤدي إلى ضرر دائم طويل المدى: يمكن أن يؤثر تزعزع الاستقرار في حالات الطوارئ على الطفل: مثل فقدان أحد الوالدين أو المنزل، أو حتى الروتين اليومي، ويؤدي إلى تقليص قدرته على مكافحة الآثار المتراكمة للتوتر.  حيث أثبتت دراسة في جامعة (هارفارد) أنه عند تراكم الإجهاد- والذي يمكن أن يحدث في حالات الطوارئ- و يمكن أن يصبح ضاراً. ومن الجدير بالاشارة ان "الإجهاد الضار" يؤثر التركيب الكيميائي للفرد، مما يؤثر على الدماغ وليس الجسم فقط. وعلاوة على ذلك، ثبُت أن آثار الإجهاد الضارة تدوم لأجيال متعددة. ويمكن لإنماء الطفولة المبكرة في حالات الطوارئ أن تخفف من الآثار الضارة للتوتر، وتعزيز مستقبل الأطفال.
  5. توفر برامج تنمية الطفولة المبكرة فرصة التعلم المبكر والتي من أجلها أن تدعم التعلم بشكل أفضل، وتحقق فرص للوصول إلى حياة أفضل عند مرحلة البلوغ: تُظهر أدلة قوية أن المشاركة في التعليم قبل المدرسي تضع أسسًا قوية للتعلم في المستقبل وتحقيق فرص الحياة، لأنها تعزز التطور المعرفي والعاطفي. يعد ذلك في غاية الأهمية للأطفال الأكثر تهميشًا، وهو مفتاح لمواجهة تحديات الإنصاف والجودة اللازمة لتحقيق هدف التنمية المستدامة 4 (الهدف 4).
  6. توفر برامج تنمية الطفولة المبكرة فرص للتعليم المبكر، والتي تدعم تعليم أفضل و تحسين فرص الحياة في مرحلة البلوغ:  تشير الدراسات إلى أن المشاركة في التعليم قبل المدرسي تضع الأسس القوية للتعلم في المستقبل والحصول على فرص في الحياة، وتعد هامة خاصًة للأطفال الأكثر تهميشًا، وهى بمثابة مفتاحٍ لمعالجة
    TJump, IRC
    © T Jump, IRC
    تحديات العدالة والجودة اللازمة لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. وأيضًا تعزز جودة التعليم قبل المدرسي التطور المعرفي والعاطفي للطفل، إذ أظهرت الدراسات - حتى بعد الأخذ في الاعتبار العوامل الاجتماعية والاقتصادية- أن الذين يشاركون في تلك المرحلة، يحققون نتائج أفضل في الرياضيات والعلوم والقراءة.
  7. تعتبر تنمية الطفولة المبكرة فعالة من حيث التكلفة ومفيدة للمجتمع: يُعد الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة وسيلة فعالة من حيث التكلفة لتعزيز الرخاء المشترك، وتشجيع النمو الاقتصادي الشامل، وزيادة تكافؤ الفرص، وكذلك القضاء على الفقر المدقع. حيث أنه مقابل كل دولار ينفق على الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة، يمكن أن يصل عائده إلى 13 دولارًا. أما بالنسبة للفئات الأكثر تهميشًا، يكون معدل العائد أعلى، فكل دولار يُنفق يمكن أن يصل عائده إلى 17 دولارًا. كما أظهرت الدراسات المتعلقة بمعدلات عائد الاستثمارات في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، أن الأطفال المشاركون ببرامج ما قبل المدرسة هم الأكثر التحاقًا بالمدرسة في الوقت المحدد، والأقل هروبًا منها، والأكثر تخرجًا من الثانوية، والأكثر حظًا في الحصول على وظيفة لشخص بالغ، وهم أيضًا أقل عرضةً لارتكاب الجرائم وإنهاء المطاف بدخول السجن.
  8. تعزز برامج تنمية الطفولة المبكرة السلام، والحد من مخاطر الكوارث، وحماية البيئة: إن الأطفال الصغار في مرحلة الطفولة المبكرة "كالإسفنج" في سرعة الاستجابة والاستيعاب، لذلك تُعد هذه الفترة فرصة فريدة ومميزة لتشكيل وجهات نظرهم وسلوكياتهم. حيث يمكن أن تدمج برامج تنمية الطفولة المبكرة في حالات الطوارئ مفاهيم: السلام، والتسامح، والحد من مخاطر الكوارث، وحماية البيئة، وغيرها من خلال الأنشطة القائمة على الألعاب؛ مما يزيد من احتمالات انتقال هذه الخبرات ووجهات النظر إلى مرحلة البلوغ.
1 يناير 2012 مجموعة أدوات صندوق الأمم المتحدة الدولي لحالات الطوارئ للأطفال, World Health Organisation (WHO)

العناية بنماء الطفل

إن «العناية بنماء الطفل» (Care for Child Development, CCD) هي نهج قائم على الأدلة، يهدف إلى تعزيز التعلم المبكر وتقديم الرعاية المستجيبة من خلال الإدماج في خدمات قائمة في مجموعة متنوعة من القطاعات منها الصحة والتغذية والتعليم وحماية الطفل.

1 يناير 2018 Toolkit International Federation of Red Cross and Red Crescent Societies (IFRC), World Vision

Toolkit for Child Friendly Spaces in Humanitarian Settings

The toolkit provides a set of materials to assist managers and facilitators/animators in setting up and implementing quality CFS. These resources have at their core the protection of children from harm; the promotion of psychosocial well-being; and the engagement of community and caregiver capacities.